تسللت إلى الصالة في هدوء، وضعت تلك السلة واطمأنت إلى وضع طفلها الرضيع الراقد في سريره المحمول، كان منزل والدتها غارقاً في صمت الصباح الباكر، تركته في عهدة الوالدة، وانصرفت للمدرسة، لا زالت تسترجع ذلك المشهد اليومي، حتى اليوم.. وهي تصطحب ابنها للروضة مسرعةً، حتى تدرك جرس الحصة الأولى. وتنصرف قبل أذان العصر بقليل. لتعود لاصطحاب ابنها من بيت والدتها والعودة مجددا الى المنزل.
بينما لا يزال وقت الدوام في ازدياد.. والواجبات العائلية الى تراكم..
بعد ان ضاع النصف النشط من اليوم في العمل أو المدرسة.. لا تدري ربة المنزل بأي الواجبات تبدأ.. العائلية أو النفسية أو الاجتماعية. فما تبقى من اليوم لا يصلح سوى للراحة.
قبل ان تتسع الحياة المدنية، كان هناك متسع لكل شيء. للعمل وللدراسة وللعب وحتى للنوم.. طبعاً على فترتين، في الظهيرة والليل. وبدت الحياة أكثر هدوءاً والعائلة أميل إلى الاستقرار.
اليوم تبدو الحياة أكثر تعقيداً، والوقت أقل نفعاً، عندما مددت ساعات الدراسة والعمل في المدرسة، بهدف توفير وقت أطول للعملية التربوية، وعشان الطالب يفهم.. والمنهج يخلص قبل الامتحان، يجب ان تلغى الحياة العائلية وحتى وقت اللعب والاستراحة يجب ان يجير لصالح الدراسة والمذاكرة. الغريب ان لا نتائج إيجابية ملموسة بعد تمديد ساعات اليوم الدراسي.
ومرة اخرى الأجيال خاضعة لعدوى تطبيق تجارب اجنبية، تستنسخون اليابان مثلاً؟
تبدو الحلقة الأكثر تضرراً هي الأم العاملة في الميدان التربوي، مربية في المدرسة والمنزل، فبالكاد تلتقط أنفاسها قبل العودة الى دوامة متطلبات العائلة والاهتمام بالابناء الذين انهكهم يوم دراسي طويل.. طبعا يقاسمهم إياه الخادمة أو السائق، واطراف اخرى تستعين بها العائلة لتخفيف وطأة اليوم.
غريب ان تفقد العائلة أجمل أوقاتها، ولايلقى المربون وقتا لتربية الجيل.. ركضاً وراء منهج لا ينضب! وإتباعا لقرارات لا تراعي خصوصية مجتمع نواته عائلة مستقرة.. تضطرها للاتكاء على أيادي الخادمة..