في مبادرة إنسانية نبيلة، التقى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، شاباً فلسطينياً وفَد إلى دبي لتلقي العلاج برعاية مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية وذلك إثر فقدان الشاب لقدميه في قصف استهدف الحي الذي يقع فيه بيت ذويه، حيث أعرب له سموه خلال اللقاء عن دعمه الكامل واستعداده التام لتقديم كافة أشكال العون والمساعدة التي قد يحتاج إليها لتخطي محنته.
وكان الشاب خليل الجديلي «وهو من أبناء قطاع غزة» قد تعرض لإصابة خطيرة خلال قصف قوات الاحتلال للمنطقة التي تقطنها عائلته في القطاع، حيث أسفر الهجوم عن بتر قدميه، وتدمير منزل جدته، ووفاة شقيقه مهند.
وحرصاً من سمو الشيخ حمدان بن محمد على المساهمة في رفع المعاناة وتخفيف العبء النفسي عن كاهل الشاب المصاب ومؤازرته ودعمه معنويا في مواجهة محنته، استضاف سموه الشاب الفلسطيني في رحلة بحرية لممارسة إحدى الرياضات المحببة إلى نفسه والتي اختارها الجديلي لتكون عنواناً لرحلة تحديه للإعاقة وهي رياضة الغوص. وقد قام بتوثيق تلك اللفتة الإنسانية الكريمة المصور والمخرج الإماراتي الشاب علي خليفة بن ثالث الذي رصد بعدسته مدى العناية التي أولاها سموه للشاب خليل الجديلي خلال الرحلة في لقطات قام بتضمينها في سياق عمل تسجيلي أشمل يرصد قصة الشاب الفلسطيني، ويعرض ملامح مأساته، وتبعات ما تعرض له من غبن تسبب في إعاقته وفقدانه لأخيه.
ويتناول أيضاً نافذة الأمل التي فُتحت له مع بدء رحلته العلاجية في دبي والتي جاءت مُكللةً بأنبل وأسمى مظاهر العناية والاهتمام. من جانبه، أشاد الفنان الإماراتي علي بن ثالث بمكرمة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، مؤكداً أن هذه المبادرة لا تُعد أمراً مستغرباً على حكام دولة الإمارات، وأن عمل الخير ومد يد العون والمساعدة في أوقات المحن والشدائد هي من بين الشيم النبيلة الكثيرة التي تميز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» والتي تشبّع بها أنجاله الكرام، حيث جاءت مبادرة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد تجاه هذا الشاب لتعكس جانباً من الجوانب الإنسانية العديدة في شخصية سموه.
وقال علي بن ثالث إنه من المنتظر أن يتم عرض الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان «غواص غزة» على شاشات عدد من القنوات الفضائية العربية التي رحبت بعرض هذا العمل الذي يرصد من خلال محنة الجديلي معاناة العديد من النماذج المشابهة في الأراضي المحتلة، ويبرز عبر مدى إصراره على تحدي الإعاقة الدلالات الرمزية لتلك الإرداة، حيث سيُعرض الفيلم على عدد من القنوات الفضائية. |
ويعتبر المصور الإماراتي علي بن ثالث «وهو من مواليد إمارة دبي» من المواهب الشابة المتميزة حيث لم يكتف بدراسته للغة الفرنسية في جامعة «مونتبلييه» الفرنسية التي تخرج فيها لينال منها أيضا دبلوم اللغة الفرنسية وآدابها، بل اختار تنمية موهبته واحترافها مستهلاً رحلته الاحترافية مع التصوير عام 1995 ليشارك بعد ذلك في العديد من الأنشطة والرحلات التصويرية في دولة الإمارات وخارجها، وله رصيد من الأعمال الوثائقية المتميزة التي ركز من خلالها على توثيق الحياة الطبيعية في عدد من المواقع البيئية في ربوع دولة الإمارات. |
من ناحيته، أعرب الشاب الفلسطيني خليل الجديلي عن بالغ امتنانه وعظيم شكره لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لاستضافته عبر مؤسسة سموه الخيرية لتلقي العلاج في دبي، مؤكداً سعادته الغامرة بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والعناية الكبيرة التي أحاطت به في دبي منذ أن حل ضيفاً عليها. |
ووجه الجديلي رسالة شكر وتقدير خاصة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد لما أبداه سموه من دعم معنوي كبير واهتمام مشكور وعناية خاصة وإفراده لجانب من وقته لاستقباله رغم مسؤولياته الكثيرة وحرص سموه على اصطحابه لممارسة رياضة الغوص بغية التخفيف من الضغوط النفسية جراء إصابته، مؤكدا أن تلك اللفتة الكريمة كان لها عميق الأثر في رفع روحه المعنوية واكسابه عزما جديدا على قهر محنته وتخطي الآثار السيئة التي خلفتها على نفسيته. |
وعبّر الشاب عن مدى سعادته بمكرمة سمو الشيخ حمدان بن محمد، ومدى تقديره لشخص سموه وإعجابه الكبير بما لمسه من دماثة خلقه وتواضعه الجم الذي هو من شيم العظماء، وقال إنه لم يشعر للحظة أنه غريب في دبي، بل أحس أنه واحد من أبناء هذا البلد الغالي، وأنه بين أهله وأن تلك الحفاوة ليست بالغريبة على حكام وشعب دولة الإمارات المعروفة بأياديها البيضاء العديدة في مختلف مجالات الخير والعطاء. |
كل الشعب الإماراتي... فلسطين |
في ختام لقائه بالشاب الفلسطيني المقعد قال سموه «حمدان بن محمد فلسطين، ووالد حمدان بن محمد فلسطين، ووالدة حمدان بن محمد فلسطين، وشعب دولة الامارات فلسطين، والعالم العربي كله فلسطين»، في حين بادر خليل الجديلي بإهدائه الكوفية الفلسطينية، وطبع سموه قبلة على جبين خليل. |
.. إرادة من حديد ونار، وحدها التي مكنت خليل عامر الجديلي من تحمل حرمانه من ابسط حقوقه كإنسان، في المشي على قدمين من لحم ودم، وهو ابن السابعة عشرة عاما، لم تتح له قدماه المبتورتان بفعل فاعل الوقت الكافي للطواف في دروب العالم ليروي مشاهداته، او ليحلم بمشوار طويل لأيامه الباقية. |
تظل المفارقة واحدة من شهود العيان على الغطرسة والحقد للعدو الاسرائيلي، فحينما ظنت عائلة خليل المكونة من 5 اخوة ووالده ووالدته ان الحرب انتهت، او ان هدنة ما تلوح في الافق، عندما كانوا يشاهدون انعقاد القمة العربية على جهاز التلفزيون الصغير الذي يتوسط بيتهم المصنوع من «الاسبست»، كانوا يأملون ان القمة التي اجتمعت من اجل وقف العدوان. |
قد تمكنت فعلا من وقفه، لكن السماء لم تصفو كثيرا، فاضطروا للهرب الى بيت جدتهم المصنوع من الاسمنت المسلح، ظنا منهم ان سلاح الاسمنت هذا قد يقيهم سلاح العدو القادم من الجو عبر شباك المطبخ، وقبل ان يغلق الباب عليهم، باغتتهم القذيفة حتى اصبح الركام سيد الموقف، والصراخ بحثا بين الغبار والانقاض عن افراد البيت المبعثرين. |
فحاول ايمن ( 13 عاما) انقاذ اخيه مهند ذي الثمانية سنوات، لكن الوقت لم يكن وقت انقاذ، اذ انقضى ذلك الوقت في ثوان قليلة م، فاستشهد مهند، واصيب عبد الهادي (15 عاما ) في وجهه وفقد عينه، ونجا ايمن ليعيش مع واقع مر، زاده اصابة والديه بانهيار نتيجة الحادث. |
سيارات الاسعاف لم تكن تكفي كل تلك الحالات التي تصاب على مدار الساعة في غزة، فاضطروا الى نقل خليل واخوته الى مستشفى القدس في سيارة عادية، لتلقي الاسعافات الاولية ، والعلاج الفوري، ثم نقلهم بعدها الى جمهورية مصر العربية لتلقي العلاج، واجراء عمليات عدة لترقيع الجلد، وترميم الجروح، بعدها بأشهر تم نقل خليل الى (سلوفينيا ) بالتعاون مع جمعية اغاثة اطفال فلسطين، من اجل تركيب اطراف صناعية له. |
«لم يتمكن والد خليل من حضور جنازة ابنه الشهيد مهند، فقد كان قلبه مجزأ بين الشهيد، وبين الاحياء الذين يتعين عليه ان يكون معهم في المستشفى»، هكذا تصف الحال والدة خليل، وتضيف: «لم يكف يوما عن الابتسام، والغريب انه لم يشتك قط، فعندما زرته في اليوم الثاني لبتر ساقيه في المستشفى عرفت انه قد صلى الفجر حاضرا، وطلب مني بنفسه الكشف عن رجليه كي اعرف، حين ظننت اني من كنت سأتمكن من ابقاء الامر مخفيا عنه، لكنه هو من كان يقويني، وقال لي بالحرف الواحد: (الحمد لله حالي افضل من حال كثيرين)». |
لم تتحمل الاطراف الصناعية التي تم تركيبها لخليل في سلوفينيا كثرة حركة خليل الدائبة، فتهالكت سريعا ولم يعد بامكانه استخدامها، فتواصلت جمعية اغاثة اطفال فلسطين مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للاعمال الخيرية والانسانية من اجل احضار خليل الى الامارات للعلاج، وتم احضاره على الفور وتركيب اطراف صناعية دائمة له، لتمنحه فرصة اخرى للحلم بحياة افضل، يتمكن من خلالها من مواصلة حياته بشكل «يشبه الطبيعي الى حد كبير». |
يقول خليل: «ارادتي وعزيمتي كانت اقوى من أي شيء، فلم اتوقف عن الدراسة طوال فترة الانتقال بين المستشفيات والبلدان، وبت احلم بمستقبل يسوده السلام وأن ارزق بأطفال كثر يعوضون الشهداء الذين يقدمون ارواحهم فداءً للوطن يوميا، وسأطلق على اولهم اسم شقيقي الشهيد مهند. |
كما انني تيقنت انه مهما ساءت الامور، فإن رحمة الله واسعة، وان لرحمة الله الف باب، فكانت رحمة الله ان اتيت الى الامارات وبالصدفة تمكنت من التعرف الى نجل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي لطالما سمعنا عنه وعن عطاياه ومكرماته ووقوفه دائما الى جانب الشعب الفلسطيني». |
علي بن ثالث مدير ادارة الاتصال وعلاقات المجتمع في مكتب ولي عهد دبي، يروي « للبيان» حكاية لقاء خليل بسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، مشيرا الى ان لقاءه هو بخليل كان ايضا من باب الصدفة، فمؤسسة محمد بن راشد للاعمال الخيرية والانسانية عند علاج المرضى تقوم بأخذهم في رحلات ونشاطات تواكب مقدرتهم الفيزيائية والجسمانية من اجل الترويح عنهم، وايضا مساعدتهم على تقبل حياتهم الجديدة بشكل افضل. |
وأضاف: «اخذت المؤسسة خليل في رحلة لنشاط الغوص فشهدت منه نشاطا ملحوظا بالنسبة لحالته، فقام مدير نادي الغطس بالاتصال بي لأنه يعرف هوايتي في الغوص والتصوير تحت الماء، وكوني عضوا في «ناشيونال جيوغرافيك» فأخبرني بحالة خليل من اجل ان اصورها كنموذج حي للارادة القوية، وبالفعل التقيت بخليل وصورته، وتأثرت كثيرا بشخصيته واجتهاده وصبره. |
رغم الاعاقة التي أصابته ورغم الجروح التي تعرضت لها عائلته، فقمت بدوري باخبار سمو الشيخ حمدان عنه، وعلى الفور امر سموه بتقديم المساعدة للعائلة لتحسين وضعهم المعيشي في غزة، وأمر ايضا بتوفير كافة المعدات الخاصة بغطس ذوي الاحتياجات الخاصة، وتكفل بتبني تعلم خليل للغطس عبر حصوله على الدورة كاملة وكل ما تتطلبه، كما امرني وشرفني بعمل فيلم وثائقي عن حالة خليل». |
واكد بن ثالث ان سمو الشيخ حمدان كان يتابع حالة خليل اولا بأول ويطلب التعرف على كافة التفاصيل المتعلقة بتعلمه الغطس، ثم فاجأه في اليوم الاخير بحضوره شخصيا الى مقر حوض فندق «اتلانتس» وغاص معه لمدة نصف ساعة كاملة، سبقها جلوس سموه معه وتشجيعه على الاستمرار بتحدي حالته وعدم الاستسلام للاعاقة. |
كما اكد بن ثالث ان سمو الشيخ حمدان اراد ايصال رسالة هامة وعميقة من هذا الفيلم، تتعدى التوثيق والحديث عن الحالة فقط، اذ اراد سمو الشيخ حمدان تقديم هدية انسانية عميقة تصل للعالم كله، ليعرفوا ماذا يحصل في فلسطين، وليعرف الكثيرون الذين يظنون انهم غير محظوظين، ان هناك من هم اقل منهم حظا، لكنهم في غنى كبير من القناعة والسعادة بما لديهم مهما كان قليلا. |
سائق إسعاف لا يجد من يسعفه |
كان خليل اثناء فترة العدوان على غزة يقوم بدور مساعد مسعف، يعمل على نقل الضحايا الى سيارات الاسعاف، اما عند اصابته فلم يجد سيارة اسعاف لتقله واخويه الى المستشفى لانشغالها بآخرين. |
ويؤكد خليل ان لديه طموحا كبيرا في دراسة مهنة التمريض في الجامعة، من اجل اسعاف المصابين، مشيرا الى ان رغبته تنبع من القصور الكبير الذي تعاني منه مستشفيات فلسطين في الكوادر الطبية والتمريضية والاسعاف. |
* ولي عهد دبي يستضيف الشاب الفلسطيني في رحلة بحرية لممارسة إحدى الرياضات المحببة إلى نفسه |
* قام بتوثيق اللفتة الإنسانية الكريمة المصور والمخرج الإماراتي الشاب علي خليفة بن ثالث |
* ينتظر عرض الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان «غواص غزة» على شاشات عدد من القنوات الفضائية العربية |
* خليل الجديلي: حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والعناية الكبيرة أكسبتني عزماً جديداً على قهر محنتي |